أمريكا والصين.. المغرب يوازن بين الحلفاء الغربيين والشركاء الآسيويين - أقرأ 24

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في ظل تصاعد التنافس الجيو-سياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، يجد المغرب نفسه في موقع استراتيجي يمكّنه من الحفاظ على علاقات متوازنة مع كلا القوتين العظميين. فبينما تعزز المملكة المغربية شراكاتها التقليدية مع الولايات المتحدة وأوروبا، تسعى أيضاً إلى توسيع آفاق التعاون مع الصين، خصوصا في مجالات الاستثمار والبنية التحتية.

ويرى المراقبون أن هذا التوجه يعكس استراتيجية دبلوماسية مغربية تعتمد على تنويع الشركاء والحفاظ على الاستقلالية بما يخدم مصالحها الوطنية ويعزز موقعها كفاعل إقليمي ودولي، مبرزين أنه رغم التوترات المتزايدة بين واشنطن وبكين، إلا أن المغرب يحرص على تعزيز تعاونه مع كل طرف وفق أولويات اقتصادية وسياسية واضحة.

في هذا السياق، اعتبر حسن رامو، أستاذ باحث في الجغرافيا بالمعهد الجامعي للدراسات الإفريقية والأورو-متوسطية والإيبرو-أمريكية التابع لجامعة محمد الخامس، أنه بالرغم من الخلافات الحادة بين الصين والولايات المتحدة، التي ستزداد حدة مع الإدارة المقبلة تحت قيادة دونالد ترامب، فمن المسلّم به أن الدبلوماسية المغربية ستعمل على المحافظة على علاقات طيبة ومربحة مع الطرفين، بالنظر إلى تباين مجالات تعاون المغرب مع كل طرف باختلاف أولويات السياسة الخارجية لكل منهما في علاقاتهما معه.

وأضاف رامو، ضمن تصريح لهسبريس، أن المغرب “ما فتئ بفضل السياسة الرشيدة لجلالة الملك ورؤيته المتبصرة يتموقع على الساحة الدولية ويحظى بمكانة متميزة كفاعل جهوي وإقليمي ودولي، وكرقم لا محيد عنه في معادلة السياسة الدولية، وذلك بفضل تنويع الشراكات والشركاء”، مشيرا إلى الزيارات الملكية إلى الصين (خاصة منذ 2016)، وروسيا (2002-2016)، والولايات المتحدة الأمريكية (2000، 2003 إلى 2013)، وعدد من الزيارات الرسمية والخاصة إلى عدد من العواصم الأوروبية والأفريقية.

وبالنسبة للأكاديمي ذاته، فإنه إذا كان تعاون المغرب مع الولايات المتحدة له أولويات مرتبطة أساسا بالحفاظ على الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب بالفضاء الأفرو-متوسطي، وخاصة بالساحل وشمال أفريقيا والمتوسط، وكذا مساهمة المغرب في السلام والازدهار مع حلفائه في الشرق الأوسط والخليج، بالإضافة إلى الشراكة الاستراتيجية على مستوى التنمية المستدامة وتنمية المبادلات، فإن مجالات التعاون مع الصين “لها نكهة خاصة مرتبطة بطبيعة الحضور الصيني في القارة ورغبة البلد الآسيوي في الاستفادة من موقع ومكانة المغرب واتفاقيات التجارة الحرة التي أبرمها مع عدد من الشركاء الدوليين وعلاقاته الاقتصادية مع دول أفريقيا، وهي عوامل تتماشى مع مبادرة الحزام والطريق الصينية التي قد تقوي بدورها موقع المغرب كمنصة لإطلاق الاستثمارات في أفريقيا، وبصفة خاصة من الأقاليم الجنوبية”.

وأبرز في هذا السياق أن الطريق البحري لغرب أفريقيا “يمكن أن يشكل مجالا لتقاطع المصالح الصينية مع المغرب، وبصفة خاصة مبادرة ربط الساحل بالأطلسي وأفريقيا الأطلسية، على منوال عدد من مشاريع البنية التحتية الصينية بشرق أفريقيا لربط داخل القارة بالمحيط الهندي”، قبل أن يعود لينبّه إلى أنه رغم التنويه الدولي بمبادرتي ربط الساحل بالأطلسي وأفريقيا الأطلسية “لم تتخذ بعد لا القوى الغربية ولا الصين مبادرات عملية للانخراط في هذه المشاريع، مما يجعل المجال خصبا لبناء علاقات اقتصادية متعددة الأبعاد تربط المغرب وبعض دول أفريقيا مع القوى الكبرى؛ الصين أو الدول الأوروبية وأمريكا”.

ويرى عبد العالي بنلياس، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن “ما يميز الدبلوماسية المغربية في إدارة علاقاتها الدولية مع مختلف الدول، سواء التي تربطها بها علاقات تاريخية واستراتيجية كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والدول الغربية، أو التي تربطها بها علاقات الأخوة والصداقة والعروبة كما هو الشأن بالنسبة للدول العربية، وخاصة دول الخليج، أو تعلق الأمر بعلاقات الشراكة والتعاون التي تربطها بدول شرق آسيا، خاصة روسيا والصين، هو اعتمادها على الفصل بين مسارات هذه العلاقات ومستوياتها السياسة والاستراتيجية، ووفق محددات تقوم على احترام المصالح المشتركة التي تربطها بها واحترام الوحدة الترابية للمملكة المغربية وعدم معاكستها والتشويش عليها، وعلى التوازن في تدبير هذه العلاقات”.

وأشار بنلياس، في حديث لهسبريس، إلى أن “علاقة المغرب مع الولايات المتحدة الأميركية استراتجية وثيقة تهم مختلف المستويات، في الوقت الذي تقوم فيه علاقته المتميزة مع جمهورية الصين على الشراكة والتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتنسيق حول القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك”.

وبالنسبة للأستاذ الجامعي ذاته، فإنه “لا يمكن للمغرب أن يكون طرفا في الحرب الجيو-استراتيجية والتجارية الدائرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ذلك أن الدبلوماسية المغربية تقوم على الوسطية والاعتدال وعلى سياسة النأي بالنفس في النزاعات الدولية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق